من وحي فقدي .. بقلم / نوال محمد ابو منصر

مؤسسة الشهداء – مقالات

ذهب يستقي من روضته ثباتا وصمودا وكل شيء فيه يأخذه إليه ، مشاعره تحدثه عن لحظة اللقاء وكيف يصبح التراب يداً تصافح وتربت على كفيه مانحة إياه اسبابا للإستمرار وكيف أن رياح روضته تحمل هواء من نفسه تجود على روحه المتألمة بنبض اللقاء فيستعيدها مرة أخرى .

كل تلك الأحاسيس كانت رفيقته إلى حيث جثمان الحبيب محاط بتراب لا يفقده طراوته ولا يأخذ من حيويته تراب يحمل نفحات حياة شعورها لا يشبه . فجأة وقف ورفيقة المسير امام لوحة دعاء زيارة الشهداء هو يتأمل ما حولها من حياة وهي تصافح كل شهيد بكلمات عهدها الطاهرة ( اقصد مشاعره النابضة) حيث الأضرحة تشرع عنفوانها بشموخ والخضرة تكسوها من كل جانب فتبعث الحياة بنفس زائرها .

كان شاردا بعيدا عندما جادت عليه بحبها هامسة ببدء المضي إلى حيث الحبيب منتظرا لحظة اللقاء ، استجمع قواه بها و اقتربا معا حتى بات واقفا بجانب ضريحه وهي بجواره رفيقة الجر ح ودواءها من تُصمت ضجيج المه وتشد خيوط تفكيره الى حيث تريد وتملأهما بمشاعر الرضا .

هناك عم الهدوء المكان وصمتت كل مخلوقات الأرض مستمعة لحديث الأرواح ، روح هانئة بفوزها مشتاقة لأحبتها وروح متألمة لفقد احبتها.

جلسا بجوار الضريح انسان وروح من مشاعر يد تبحث بين حبات التراب عن شيء منه ويد تمسح الم القلب الذي امطرته عيناه فكانت السخية لكن يده هذه المر لم تكن كافية لتحتوي مطر العيون فكانت تربته هي من احتضنتها وشاركتها لحظات فقدها . ” لا تبكي فقدي فانا الذي احيطك بقوة الصبر في كل مرة تنهار فيها قوى تحملك ، اودعك بقبلة المساء قبل نومك وامسح عنك الم الاشتياق ، انا الذي أراك ولا تراني عندما تفيق من نومك فجأة باحثا عني بين اضلاع حزنك وتفاصيل فقدك تبكي فقدي فابكي عدم استشعارك لوجودي وروحي المتألمة عليك تترجى بصمت ليت روحك تهدأ وترضى لأغمرها بسعادة وجودي ”

قالها ويده ما زالت تبحث عنه بين ذرات التراب ” أبي انصهرت كل أركان صبري بوجه براكين شوقي اللامتناهية فهدوءها صقيع وضجيجها بركان وكلاهما يؤلمني كثيرا ، امنحني من رضا روحك نفحه ومن عظيم استبشارك حكاية يعيناني على الإستمرار ، فطيفك نور يضيء عالمي المتألم وبعدك دجى ظلام ، أرجوك جد عليا ببركاتك يا شهيد ، فرضاك بركة ، ونفحات دعمك بركة ، وزيارتك لي بمنامي من اعظم البركات .. لا حرمني الله منها ”

ترك رفيقته تخاطب روح الشهيد ومضى متألما وحيد.